كلمة المدير العام
 

هناك مثل صيني قديم يقول " لا تعطيني سمكة وإنما علمني كيف أصيد السمك " ، ولا شك أن الحكمة جلية في هذا القول الرائع، فالذي يعطيك سمكة سيحرمك من متعة تعلم الصيد بل وسيجعلك تابعاً له لأنك لن تجيد فعل شيء وإنما ستنتظر من يقدم لك سمكة جاهزة.
لقد تعلمت منذ البداية أن لا انتظر مجيء السمكة أو أن يبادر أحدهم إلى تقديمها لي، وإنما رحت أحاول تعلم الصيد أو بكلمات أخرى أن أتعلم كل شيء بنفسي . لا أقصد هنا كل شيء في الحياة، فالحياة أوسع بكثير مما نستطيع الإحاطة بها وإنما تلك الأشياء التي تتصل بعملي وأجد فيها امتداداً لرغباتي وأحلامي.

لا شك إن مسيرة التعلم طويلة وقاسية ولكنها تؤتي ثمارها في النهاية لا محالة. والحياة لا تقدم لك شيئاً دون أن تمنحك درساً ولكن عليك أن تتعلم الدرس جيداً. وقد بدأت مسيرتي في الشركة صغيراً ولكني لم أنظر إلى نفسي صغيراً. لم أر نفسي صغيراً قط في أي يوم من أيام الحياة. فالذي يرى نفسه صغيراً سيظل صغيراً ، كانت أحلامي أكبر مما أن تسعني ولكني لم أدعها تقتلني ، عملت ومنذ البدء على ترويض أحلامي، أن اجعلها طبيعة أستطيع التحكم بها بل وان اجعلها امتداداً لنهاراتي وأيامي ، وكانت أحلامي ومنذ البداية تأخذني بعيداً نحو أعنان السماء ولكني كنت ابقي اقدامي على الأرض وكانت شركتي هذه هي الحلم الأكبر الذي يستوعب هذه الأحلام جميعاً ، كانت الحلم وكانت القارب والرحلة معاً، وكنت وما أزال اعشق عملي فيها فمن لا يعشق عمله سيجد نفسه بعد حين في حالة أشبه بالعبودية ، انه العبد في عمله وإن كان السيد كما يراه الآخرون ، وكنت وما أزال أحاول أن أكون سيد نفسي أولاً وبعد ذلك عملي . كانت الدروس قاسية لكنها ممتعة، وكان الدرس القاسي يترك أثاراً أستذكرها بعد حين بمشاعر وأحاسيس يمتزج فيها الألم بالمتعة والحزن بالسعادة. ولكنها تبقى دروساً عزيزة علي َ. ذلك " إن الضربة التي لا تقتلني تقويني" ، لم أسع يوماً إلى تناسي هذه الدروس وإنما كنت استذكرها يوماً بعد يوم، وكنت أحاول أن أستخلص منها شيئاً جديداً من الحكمة .

كانت الشركة - الحلم تنمو وكنت أنمو معها وإن أرى إلى نفسي كبيراً فقد كنت أتواضع وأمرن نفسي على التواضع، فالقوة الحقيقية في التواضع وفي البساطة ، لا يمكنك أن تكون متواضعاً حقاً إلا إذا كنت قوياً في داخلك فمشاعر القوة والدفء في داخل النفس تنعكس خارجياً في ذلك الإحساس بالتماسك والثبات مصحوباً بالتواضع .

كنت أسعى إلى خدمة الآخرين من خلال شركتي هذه وكنت أبدأ بأسرتي ومن بعد ذلك أقاربي وأصدقائي والمجتمع بأوسعه، ولا شك أن المحصلة الأكيدة لأي عمل هي أن يعود بالنفع على الآخرين.
وكنت أسعى إلى التأكيد على المنفعة المشتركة في جميع تفاعلاتي مع الآخرين، لم أكن إسفنجه تمتص كل شيء من الآخرين دون أن تقدم شيئاً، ولم أكن شمعة تحترق طوال الوقت لكي تضيء للآخرين ، فما نفعك إذا ما احترقت تماماً؟

إن الحالة الوسطى هي المثلى .... أن تتقاسم منافع الحياة مع الآخرين، أن تتقاسم بقعة الضوء مع الآخرين ..... لا أن تستأثر بالضوء لوحدك.
خدمة الناس وتقديم النوعية الأفضل هما القاعدتان الأساسيتان لعملنا. ولعل النجاح الذي حققته شركتنا هو أفضل دليل على نجاح منهجنا في العمل والتعامل، وفي هذا الإطار، لا تنظر إلى تعاملاتنا نظرة آنية قصيرة الأمد، وإنما نحترم جميع تعاملاتنا في سياق العمل الطويل الأمد الذي يسعى إلى إقامة علاقات وثيقة مع العملاء، و يمكننا أن ننجح في كسب أي عميل لفترة طويلة من الزمن دونما التمسك بالثوابت الأساسية في العمل وهي الصدق في التعامل وتقديم أفضل النوعيات.

لقد واصلنا طوال السنوات الماضية من عملنا تطوير شركتنا وتوسيعها في إطار من النمو الذي يسعى إلى النفع المشترك واحترام المبادئ الإنسانية داخل وخارج الشركة. نحن ننظر إلى العاملين لدينا على أنهم امتداد لأسرتنا أو لنقل نحن أسرة واحدة، وننظر إلى عملائنا على أنهم أصدقاؤنا والامتداد الحقيقي لشركتنا والدليل المؤكد لنجاحنا .

English    

حقوق الطبع محفوظة @ 2004، شركة برهم و كمال حسين